Tuesday, January 30, 2007

من عين أخرى

من عين أخرى

لا أعتقد أن أحدا سيعارضني إذا قلت أننا شعب كثير التذمر. لا يعجبنا العجب والله! لا أدري.. هل هي جينات موروثة.. أم مرض عصري جديد؟ أم هل هي المياه التي نشربها؟ يبدو لي أننا بحاجة لفحص الماء على الأقل للتأكد من خلوه من فيروس التذمر و"البطرة".

نتذمر من الجو.. وكأن تذمرنا سيغيره.. هذا هو جونا يا قوم! أرضنا صحراوية وموقعنا في منطقة حارة يعني أن جونا سيكون حارا معظم أشهر العام. إذا كان جونا لا يعجبكم ، انتقلوا إلى كندا أو فنلندا، حيث يضطر سكانها إلى تركيب جهاز تسخين لمحرك السيارة قبل خروجهم من البيت بربع ساعة، وحيث يقومون بربط سلاسل على عجلات سياراتهم حتى لا تتزحلق على سطح الشارع المتجمد تجنبا لعدد الحوادث الفظيعة التي تتعرض لها سياراتهم طوال الشتاء القارس.

وربما أكبر مصدر للتذمر في حياتنا العصرية هي حركة المرور. نتذمر من الزحمة.. ونحن من خلقها. نتذمر من كثرة السيارات ونحن من نرفض التعاون في حل المشكلة بالتقليل من تجوالنا في الشوارع في كل ساعات اليوم (عمال على بطال)، أو بالاشتراك في ركوب سيارة واحدة للتقليل من عدد السيارات في أوقات الخروج للدوام على الأقل.

وأنا شخصيا أتذمر من رعونة قيادة البعض في شوارعنا. يرعبني أسلوب البعض في القيادة السريعة المتهورة. يقودون سياراتهم وكأنهم في سباق مع الزمن.. وكأن في سيارتهم شخص مصاب بسكتة قلبية وهم في طريقهم للمستشفى لإنقاذه. بينما في نفس الوقت ترعبني فكرة منح شخص رخصة قيادة وهو لا يملك "الحس العام" أو المنطق في طريقة قيادته. فهو يقطع عليك الطريق دون أن يشير بالأضواء، ويلتصق بسيارتك وكأنه يعتقد أن لديه القدرة على إيقاف سيارته فورا إن أنت ضغطت على الفرامل، دون الاصطدام بك في هذه المسافة القصيرة جدا.

وهناك أيضا فئة أخرى.. ربما تكون أخطر الفئات التي تجوب شوارعنا.. وهي فئة السائق الغاضب "الطهقان القرفان".. احتمال يكون غضبه ناتج عن مشكلة شخصية، أو من الحر، أو من كونه مرهقا من العمل وهو جالس وراء عجلة القيادة من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة الثانية ظهرا وأكثر. في هذه الحالة، تتحول سيارته إلى عصا.. أو نستطيع أن نقول "سلاح" يخفف به ثورة غضبه.. ويجد متنفسا له. ولقد جربت شخصيا هذا الأمر منذ أيام قليلة. فقد كنت مرهقة من اجتماع طويل في يوم من المفروض أنه جزء من إجازة نهاية الأسبوع. ثم كانت الشوارع مزدحمة جدا وأنا خارجة من الاجتماع وفي طريقي إلى ساعتين ممتعتين مع صديقة عزيزة في مركز تجاري معروف. استغرقت رحلتي ضعف الوقت المعهود. وعندما وصلت وبدأت أبحث عن موقف في الطابق السفلي ولم أجد، نزلت للطابق الذي يليه.. وقضيت 25-30 دقيقة وأنا ألوي رقبتي بحثا عن خمسة أمتار في 3 أمتار فارغة تستوعب سيارتي. وفي النهاية اضطررت أن ألغي الفكرة بأكملها. ثم بدأت رحلة العودة للمنزل، حيث شققت طريقي في وسط محيط من السيارات المليئة بالركاب الذين لا يقلون عني تعبا أو غضبا. وكانت رحلة تعج بالمخاطر، نظرا لأنني قد فقدت صبري، ناهيك عن التشنج الفظيع الذي أصاب رقبتي وذراعي. وكم غضبت لأتفه الأسباب وتصرفت بطريقة أنانية لم أتوقع أن تصدر مني في يوم ما. ولكن أخيرا تمالكت نفسي واستعذت بالله، وتذكرت أن سعة الصدر هي التي ستخرجني من هذا المأزق.
اخوتي.. تذكروا هذا في المرة القادمة وانتم تقودون طن ونصف الطن من الحديد الصلب.. سيارتك ليست سلاحا، بل هي وسيلة مواصلات. والبوصة التي تقربك من هدفك المنشود لو دامت لغيرك لما انتهت لك. وتذكروا الآية الكريمة : "يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم".. فهي لا تنطبق فقط على المجالس.. بل هناك أيضا مجلسا في قلوبكم.. فافسحوا لغيركم فيه.

No comments:

Followers