Tuesday, January 02, 2007

Crash Review

"تصادم" فيلم ليس بجديد حاز على جائزة الأوسكار لهذا العام (2005-2006)، فأدهش الجميع حيث كان يتنافس مع أفلام أكثر بروزا منه. وإذا نظرنا إلى الاستقبال الذي تلقاه في دولة الإمارات، قد نجد أن القلة النادرة هي التي تذكره أو التي كلّفت نفسها عناء مشاهدته. فقصته ليست عادية، بل تتطلب إعمال الذهن في كل كلمة أو مشهد، كما أن الأحداث المتناثرة بين شخصيات منفصلة عن بعضها البعض يعطي الانطباع بأنه فيلم وثائقي عن حياة أفراد مختلفين لا تربطهم أية علاقة. وبما أن السواد الأعظم من مرتادي السينما في دولة الإمارات هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 30 سنة، فلا شك لدي أنه فيلم لم يستهو هذه الفئة إطلاقا.

"تصادم" فعلا تصادم بين الثقافات والعقليات والتحيزات التي تملأ قلوب الشعوب كلها مهما كان مستواها التعليمي أو خلفيتها الثقافية أو عرقها أو انفتاحها على العالم. فالعنصرية والتحيز يعيشان في قلوبنا جميعنا، فمن منا لم تخرج منه كلمات أو عبارات تتسم بالعنصرية وعدم التسامح؟! وحتى نحن العرب الذين نعاني من كوننا ضحية "للنمطية"، لا نرى أي عيب في فرضها على ضحايا جدد. و"النمطية" في اللغة الإنجليزية هي أن تقرن شخصا بعرقه أو بانتمائه لدين أو فئة معينة. فعلى سبيل المثال، بعد أحداث 11 سبتمبر اقترن اسم المسلم بالإرهاب، بغض النظر عن أن مليار مسلم، باستثناء بضعة مئات منهم، لا يريدون إلا العيش بسلام. وقد تعودنا على أن تقترن بعض الجنسيات بالقذارة، وغيرها بالكسل، والبعض الآخر بقلة الأدب أو الصراحة الفظة، وهكذا. ورغم أننا نكره أن نصنَّف بهذه الطريقة إلا أننا سرعان ما نصنِّف غيرنا بالطريقة ذاتها – ناسين أو متناسين شعورنا عندما نجد أنفسنا ضحايا النمطية والتصنيف.

في "تصادم" تتصادم عدة شخصيات في مشاهد عنيفة تهز المُشاهد بواقعيتها وقربها مما يجول في قلبه من أفكار وأحقاد ومخاوف. وهذه الشخصيات تعيش في مدينة واحدة وتجري أحداثها في ليلة ويوم فقط. وتتسم لوس آنجليس بأنها تحوي خليطا من الأعراق قد لا تجده في مدينة مثلها. وبدلا من أن يؤدي هذا الخليط إلى التفاهم والانسجام بينها، نجد أن الحقيقة المرّة هي أن كل عرق وكل فئة تعيش في فقاعة أمان صنعتها لنفسها بعيدا عن بحر الأعراق الذي يحيط بها. فالنائب العام الأبيض يحيط نفسه بالموظفين السود حتى يكسب أصوات السود الانتخابية. بينما زوجته إمرأة عنصرية تختفي وراء ستار الأرستقراطية الزائفة. والبقال الإيراني يستهجن معاملة الأمريكان البيض له وتصنيفهم له على أنه عربي، ليكشف برد فعله تعصبه ضد العرب واحتقاره لهم. والشابان الأسودان يلاحظان خوف زوجة النائب العام منهما لمجرد أنهما من العرق الأفريقي، ولا يلبثان أن يخرجا مسدسيهما ليختطفا سيارتها!! مزيج من التعصب والتعصب العكسي الذي يشعر المُشاهد بالغثيان، لا لرفضه لهذا التعصب، بل لأنه يرغمه على أن يدير عين عقله إلى قلبه ليكشف ما يضمره قلبه من أحقاد وتعصب غريزي لا يدري حتى ما منشأه. وفي نهاية الفيلم، لا يوجد انحلال لتلك العقد التي شهدناها في أحداث الفيلم، ولكن، تبقى الصورة التي عكستها مرآة الفيلم عالقة في أذهاننا، علّنا نتذكرها في المرة القادمة التي نواجه فيها "الآخر".

* يمكن مشاهدة الفيلم على الدي في دي أو الفيديو وهو متوافر في الأسواق.

No comments:

Followers