Friday, August 15, 2008

حياة الآخرين مسؤولية الجميع

منذ أسابيع تضررت سيارة ابني الأكبر في حادث في وقت مبكر جدا من صباح يوم إجازة. ومنذ اللحظات الأولى التي تلت الحادث اتضح أن المتسبب في الحادث سكران يقود سيارته تحت تأثير المشروبات الكحولية. ولولا لطف الله تعالى لكانت نتائج الحادث أسوأ من مجرد أضرار في هيكل السيارة.لاشك أن هذه ليست المرة الأولى التي يتسبب سكران في وقوع حادث سيارة، ولابد وأن الشخص الذي يقود سيارته تحت تأثير المشروبات سيتعرض لحادث عاجلا أم آجلا، ولكن ماهي النسبة الحقيقية لهذه الحوادث؟ هل هناك دراسات وإحصاءات واقعية تبين هذه النسبة في دولة الإمارات؟ وهل ستبين هذه الإحصاءات ارتفاع ملحوظ في نسبة هذا النوع من الحوادث؟ وهل هذا الارتفاع أصبح ملحوظ أكثر بين الأجانب الذين يمثلون 80% من سكان الإمارات، أم انه ارتفاع في حالات السكر بين مواطني دولة الإمارات؟بالطبع، دولة الإمارات لا تبيع المشروبات الكحولية. ولكن الأماكن التي تقدمها معروفة وما فهمته أن أعدادها آخذة في الارتفاع، فكل ما عليها فعله أن تستصدر رخصة من السلطات المعنية في الإمارة التي تقدم خدماتها فيها لتستطيع تقديم المشروبات الكحولية لعملائها. وهناك من يقول أن هذه الأماكن تقدم الكحول للجميع من غير استثناء، وهناك من يقول أنها ممنوعة من تقديمها للمواطنين.. ولا أعلم حقيقة أي الادعائين أصح.ومشكلتي لا تكمن في بيع الخمرة أو شرائها، فهذه أمور تحتاج لقرار سياسي. المشكلة الحقيقية تكمن في احتساء الخمرة بكميات كبيرة ثم قيادة السيارة بطريقة غير مسؤولة. ففي الكثير من الدول الغربية عامة، وما أعرفه شخصيا في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، تُخصّص إعلانات مثيرة ومؤثرة لتوعية الجمهور بأهمية الحرص على حياة الآخرين وتجنب السواقة تحت تأثير المشروبات الكحولية. رسالة هذه الإعلانات بسيطة وأصبحت تقليدا متبعا منذ عقود
“Friends don’t let friends drink and drive”
(الأصدقاء الحقيقيون لا يتركون أصدقاءهم يشربون ثم يسوقون." وهناك أيضا مفهوما متعارف عليه يسمونه
designated driver
.. أي السائق المعيّن.. والمقصود أن كل جماعة تخرج للتمتع في حانة أو مطعم، تختار واحد من أعضائها ليكون الشخص المطلوب منه سياقة السيارة في نهاية المساء وتوصيل الباقين لمنازلهم.. وبالطبع هذا الشخص بالذات يمتنع في ذاك المساء عن شرب الخمرة لكي يكون الشخص المسؤول عن سلامة البقية.في مجتمع تعود على الخمرة كجزء طبيعي من حياته، نجد تركيزا على التوعية بمخاطر السواقة تحت تأثير الخمور. أما في مجتمعنا الجاهل تماما بالآثار المشوشة لتلك المشروبات التي تذهب بالعقل، لا نجد أية توعية ضد الآثار الاجتماعية المدمرة للشرب غير المسؤول، ونكتفي فقط بفكرة أن الدين الإسلامي يحرّمها. ويبدو أننا سنضطر أن ننتظر حتى ترتفع نسبة الوفيات من الحوادث التي يسببها الثملون قبل أن نقوم بعمليات التوعية، تماما كما فعلت الدول الغربية عندما تراكمت جثث الأطفال والشباب في شوارعها قبل أن تقوم بحملاتها التوعوية ضد الآثار الاجتماعية المدمرة للشرب غير المسؤول. ولا أريد هنا أن يفهم من كلامي تأييدي لشرب الخمور، فلا أعتقد أن هناك شخص على هذا الكوكب يؤيد شرب الخمرة، ولكن عندما تستفحل هذه الممارسات الخاطئة، علينا كأعضاء مسؤولين في هذا المجتمع أن نبدأ في حماية باقي المجتمع الغافل عن تأثير الظواهر السلبية في المجتمع. إنه أقل ما يمكن عمله عندما نسمح للمجتمع أن يشرب الخمور المدمرة للعقل.

No comments:

Followers