Tuesday, March 23, 2010

أوقفوا القتل

في الأسبوع الأول الذي تبع عيد الفطر المبارك، تجاذبت الحديث مع وافدة لم تعرف غير الإمارات بلدا لها. فتاة في مقتبل العمر، تخرجت من جامعة محلية وفتحت شركة خاصة بها، ولهذا كانت مناسبة مقابلتنا لأن مؤسستي كانت تبحث عن خدمة تقدمها شركتها.

في أثناء الحديث اكتشفت أن والدتها توفيت منذ أيام قليلة. والسبب؟

كانت ووالدتها وأخوها في سيارة أخوها.. وعندما تغيرت الإشارة من الحمراء إلى الخضراء تحركت سيارتهم.. ولكن صدمتهم سيارة سريعة جدا تخطت الإشارة الحمراء من الجانب الآخر. أصيبت والدتها في الحادث.. ورقدت في غيبوبة استمرت عشرة أيام.. لتتوفى أخيرا في آخر أيام رمضان.

وهي تحكي لي القصة.. تذكرت أنني قبلها بأيام معدودة كنت مع ابني ماجد، عائدون من "فيستفال سيتي" وتوقفنا عند التقاطع عند الإشارة لحمراء. وكنا أول سيارة تبدأ في التحرك عند تغير الإشارة من الحمراء إلى الخضراء. بالطبع كان انتباه ماجد للجهة اليسار من الطريق حيث أننا نتجه إلى اليسار.. فلم يلاحظ السيارة المنطلقة كالرصاصة من جهة اليمين والتي تخطت الإشراة الحمراء (بعد تغير الإشارة بما لا يقل عن 5 ثواني)..

للوهلة الأولى.. وأنا أتفرج على هذه السيارة المسرعة.. لم أستوعب ما كنت أرقبه.. إلى أن أدركت متأخرة أن هناك نقطة التقاء بيني وبين تلك السيارة فيما لن يزيد عن ثانيتين من الزمن! من وقع المفاجأة.. لم أعِ ما أقول.. فكنت أصرخ بإسم أخي الأصغر "عبدالله" عدة مرات.. قبل أن أتذكر أنني برفقة ابني لا أخي.. لحظتها ضربت اللوحة الأمامية بيدي بشدة وصرخت باسم ماجد .. ولأن الله سبحانه وتعالى لم يكتب لنا إلا السلامة يومها نجحت في أن ألفت انتباه ماجد للسيارة الرصاصة الآتية من اليمين.. فخفف السرعة وانطلقت أمامنا مثل السكين التي لم تجد ما تذبحه!

ماجد.. كشأن كل شاب في سنه.. "داس على البترول" ليلحق بالسيارة التي كادت أن تقتلنا.. وعندما توازت السيارتين.. فتح النافذة التي بجانبي ليصرخ كلام ليس له معنى في ظل الكارثة التي تفاديناها.. وسؤال لايمكن لأحد أن يجيب عليه : "لماذا؟"

في السيارة التي تقل "مجرم الطريق" أربعة شبان من الجنسية الآسيوية.. بدت على ملامحهم الخوف والشعور بالذنب.. وتمتم السائق "آسف" عدة مرات..

"لماذا؟" .. ما السبب الذي يجعل شخص يقود طنين من الحديد الصلب يظن أن بإمكانه أن يسبق القدر أو يغيره؟! ما الذي يجعلنا نعتقد أن حياتنا أو حياة من حولنا آمنة في أيدينا لأننا "متمكنين من السواقة"؟! ولماذا نعتقد أن الدقيقتين اللتين سنوفرهما في تفادينا الإشارة الحمراء أثمن من حياة بشر؟!!

لا أنكر أنني في بعض الأحيان تجاوزت الإشارة الصفراء. ولكن في حياتي لم أفكر للحظة أن أتجاوز إشارة حمراء!!! خوفا ليس فقط على حياتي بل حياة من حولي. ولذلك، لا أملك القدرة على فهم من جعل تجاوز الإشارة الحمراء أسلوب حياة!

واليوم وجدت مقالا عن هذا الموضوع في جريدة الخليج، وما همني ليست الأرقام والإحصائيات.. بل آخر المقال.. وأنقله لكم:



انتحار مبطن

“الخليج” سألت خبير الطب النفسي الدكتور الزين عباس عمارة استشاري ورئيس مركز النور للاستشارات النفسية والعصبية بمستشفى النور في أبوظبي عن أسباب إقدام بعض السائقين على تجاوز الإشارة الحمراء وهل لهذا النوع من المخالفات علاقة بالحالة النفسية للسائق مرتكب المخالفات فأكد وجود ارتباط نفسي بين متجاوزي الإشارة الضوئية الحمراء والحالة النفسية لبعض السائقين، مشيراً إلى أن متجاوزي الإشارة الضوئية الحمراء هم مغامرون وأشخاص منحرفون ومناهضون للقيم الاجتماعية، إذ يمثل تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء تحدياً للسلطة باعتباره رمزاً من سلوك التحدي والمغامرة. وقال تحظى ظاهرة الانحراف الاجتماعي باهتمام بالغ من قبل الباحثين في العلوم الاجتماعية، ويرجع السبب في ذلك إلى الانتشار الكبير لهذه الظاهرة على المستوى المحلي، بحيث أصبحت الشغل الشاغل لا للعلماء الاجتماعيين فحسب، بل لرجال القانون، لافتاً إلى أن الانحراف الاجتماعي داء يقضي على كل منجزات الدولة، ويحول ثمار التنمية والتقدم إلى تخلف.

وأشار إلى أن معظم متجاوزي الإشارات الضوئية الحمراء هم أناس يعانون من الاكتئاب حيث يتولد لديهم نوع من عدم المبالاة وفقدان الملذات الحسية بما فيها الرغبة في الحياة، وهذا نوع من الانتحار المبطن.

لقراءة باقي المقال: http://www.alkhaleej.ae/portal/4478e...0c58ea7d6.aspx


No comments:

Followers